أما كونه كله محكماً، فهو من الإحكام، أي: الإتقان، فكله متقن في بيانه وبلاغته وأسلوبه وأحكامه، ومهما قلبت النظر فيه وتدبرت آياته وجدته في غاية البيان والإعجاز، وفيه الشفاء والنور والهدى التام، فهو محكم لا عيب فيه ولا نقص ولا خلل بأي وجه من الوجوه، فهو: ((كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ))[هود:1]، فالقرآن كله محكم بهذا المعنى.
وأما كونه متشابهاً كله، فمعناه: يصدق بعضه بعضاً، فلا تضارب فيه ولا تناقض ولا تعارض، فهو متشابه متماثل في كماله وبيانه وسموه، فلا يمكن أن يكون فيه نقص أو خلل أو عيب، بل إنه متشابه يصدق بعضه بعضاً، ويشهد بعضه لبعض.
ومن ذلك التشابه اللفظي بين آياته، فقد توجد آية في سورة تشبه آية أخرى في سورة أخرى، وقد يكون موضوع هذه السورة وتلك واحداً، فهذا تشابه، ولكن ذلك مختلف عند التأمل، فكل سورة وكل آية لها موضعها وسياقها ولها دلالتها، فهي في هذا السياق غيرها في ذلك السياق وإن كان لفظهما واحداً، وهنا وضعت لحكمة وهناك لحكمة، وهذه السورة لها سياقها وترابطها وموضوعها، وهي غير الأخرى وإن تشابهتا، لكنه في جملته متشابه.